من طرف f1488 الثلاثاء نوفمبر 06, 2007 6:28 pm
لغة الزهور والورود
كتبت السيدة الإنجليزية ماري ورتلي مونتاجو عام 1763 عن لغة الزهور" ليس هناك لون، ولا زهرة، ولا عشب ... لا تمثل شعر أو آية خاصة بها، فمن خلالها بإمكانك التشاجر، والعتاب أو إرسال رسائل عاطفية أو أن تتحدث عن الصداقة أو الأدب أو حتى إرسال الأخبار دونما تلوين أصابعك بالحبر"، أو كما قال العقاد "لاحت لي الأزهار كأنها كلمات حب رفيعة مغشاة باستعارات ومجازات، والنسيم حولها كثوب حسناء فيه شذا وكل زهرة كابتسامة، تحتها أسرار وأسرار من معاني القلب".
ولدت لغة الأزهار في القسطنطينية في بداية القرن السابع عشر، ودخلت إنجلترا في عام 1716، ثم انتشرت بعدها في فرنسا حيث خرج كتاب "لغة الأزهار" إلي النور وهو الكتاب الذي حمل 800 رسالة تنقلها الأزهار عبر ألوانها المختلفة وأنواعها المتعددة إضافة إلى طرق تقديمها، ومن ضمن هذه الرسائل، نذكر أن..الوردة الحمراء المتفتحة الأوراق تشير إلى الجمال، إتحاد اللونين الأحمر والأبيض في باقة واحدة يشير إلى الرغبة في الإتحاد مع الآخر، الورد الأصفر تعبير عن الغيرة، فيما يعبّر الإيريس الأصفر عن الشغف، البراعم البيضاء تحذر الآخر من أنه لا يزال صغيراً للوقوع في الحب، وردة من دون أشواك تقول للحبيب "معك لا أخشى شيئاً"، أما للراغـبين بالتقدم بعرض للــزواج، فليضعوا ورودهم في باقة من اللبلاب.
وفي رومانيا يضع الشاب وردة حمراء علي نافذة منزل الفتاة التي اختارها للزواج.. ويقف بعيداً يرقب النتيجة.. فإذا رفضتها يبدأ الشاب في البحث عن فتاة أخري! وفي اليابان إذا أرادت الزوجة أن تعبر لزوجها عن شدة قلقها من تأخره ليلاً أو نهاراً، تضع له عدّة ورود وأزهار في شكل معيّن يفهم منه أنها كانت في انتظاره ، وإذا أرادت أن تعاتبه لتناسيه عن إحضار بعض الطلبات المنزل، فتعد باقة في شكل خاص يفهم منه أنها تقول له بلغة الزهور "أنها تلومه"، أما إذا أرادت أن تشعره بأنها في نشوة السعادة وقمة المحبة، فتصمم باقة من الزهور على أشكال متناسقة توحي بالحب والحنان والتعاون، وبذلك يدرك زوجها أنها تغازله وتقول له "أنت عمري".
ولا يمكننا ونحن نتحدث عن لغة ورموز ودلالات الأزهار أن نغفل كتاب نسيب المشعلاني "مخابرات الحب السرية ورسائل المملكة النباتية" الذي نشره عام 1897 في بيروت، ويُعدُّ علامة بارزة في ميدان لغة الزهور، فهو عبارة عن معجم جمع فيه مئات الزهور والنباتات، ورتبه على حروف الهجاء، حيث جمع ما لا يقل عن 1300 زهرة ، ومن أمثلة ذلك دلالة الفل على اللطف والفستق على حفظ السر أي أنك إذا قدمت فستقًا إلى أحد فكأنك تقوله له "أنا أحفظ السر" وكدلالة القرنفل على الجسارة، والقمح على الغنى، وزهر اللوز على الرجاء، والورد على المحبة، والهليون على التعزية وقت الضيق، والنارنج على الجمال مع رداءه الأصل، وقدم له بدراسة تناولت عددًا من الأزهار مع إيضاح أسباب تسميتها، وذكر ما دار حولها من أساطير وحكايات، وحلاه بشعر رقيق يدور حول الحب والزهور.
ويشير المعجم أن هناك فارقًا في دلالات الزهور والثمار في تراث الحب العربي والتراث الأوربي أو التراث الذي نقل عنه المشعلاني، فالسوسن عن العرب دلالته السوء وفيه يقول شاعر :
يا ذا الذي أهدى لنا سوسنا
* * *
ما كنت في إهدائه محسنا
أولـه سـوء، فـقـد سـاءنــي
* * *
يا ليت أني لم أر السوسنا